حسام عبد النبي (دبي)

يحدد مصرف الإمارات المركزي سنوياً النقاط المطلوبة من كل بنك، في إطار نظام النقاط في التوطين المصرفي، حيث تتولى لجنة متخصصة في المركزي تحليل البيانات الخاصة بكل بنك، ومن ثم تحديد النقاط التي يجب أن يلتزم بها البنك لعدم التعرض إلى غرامات مالية، حسب جمال الجسمي، مدير عام معهد الإمارات للدراسات المالية والمصرفية، عضو لجنة تنمية الموارد البشرية المواطنة في القطاع المصرفي والمالي.
وأكد في حوار مع «الاتحاد» أن رأسمال البنك والاندماجات التي قد تحدث في القطاع المصرفي تعد أهم العوامل التي يتم دراستها عند تحديد نقاط التوطين المطلوبة، كما يمكن أن تتغير هذه النقاط من البنك ذاته من عام إلى آخر، حيث يمكن زيادة أو تخفيض عدد النقاط، حسب قرار اللجنة العليا.
وكانت لجنة تنمية الموارد البشرية المواطنة في القطاع المصرفي والمالي قررت البدء في توقيع غرامات مالية، اعتباراً من نهاية عام 2018 للبنوك التي لم تلتزم بتحقيق النقاط المطلوبة، بواقع 20 ألف درهم على كل نقطة مفقودة من الناتج النهائي لمجموع النقاط المستهدفة للبنك.
وبحسب الجسمي، فإن لجنة تنمية الموارد البشرية المواطنة في القطاع المصرفي والمالي تتبنى مبادرات مقترحة عدة، تهدف إلى جذب المواطنين للقطاع المصرفي باعتباره من أكبر القطاعات استيعاباً للمواطنين، مبيناً أن هذه المبادرات تشمل رفع الحد الأعلى للمعاشات، وأخرى تتعلق بساعات العمل والإجازات الدراسية، وغيرها من المبادرات التي تعالج أسباب عدم استقرار المواطنين في العمل بالقطاع والتحول إلى القطاع الحكومي، بعد سنوات من الخبرة.
واستبعد الجسمي أن يشهد القطاع المصرفي بالدولة إلغاء عدد كبير من الوظائف في القطاع المصرفي، جراء التوسع في التحول الذكي، واستخدام الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا البلوك تشين، وتقديم الخدمات عبر التطبيقات الذكية على الهواتف المتحركة.
وقال: «إن هذه التقنيات بدأت بالفعل في تغيير مسار العمل المصرفي، ما يتطلب مواكبتها بمهارات جديدة، خاصة أن التكنولوجيا المالية Fintech باتت اليوم تؤثر بشكل كبير، وتقود استراتيجيات أعمال القطاع المصرفي، كما قطعت التكنولوجيا شوطاً طويلاً من مجرد لعب دور تقليدي، لتصبح إحدى الممكنات لاستراتيجيات أعمال البنوك»، محدداً عدداً من التحديات التي تواجه القطاع المصرفي حاليا، وهي تهديد التكنولوجيا المالية (الفنتك)، وتكاليف استبدال التقنيات القديمة، والبيانات الضخمة والتحليلات، وظهور الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إضافة إلى أمن النظم والبيانات.
وأوضح الجسمي أن المرحلة المقبلة من تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل القطاع المصرفي في الإمارات ستركز على مجالات استقصاء الأعمال، والأمن السيبراني، والإدارة المالية، معتبراً أن امتلاك البنوك الكبيرة فقط تطبيقات قوية للذكاء الاصطناعي يعكس التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في الدولة، والتي تشمل أيضاً صعوبة استقطاب والمحافظة على الكفاءات المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلات، التي يتنامى الطلب عليها كثيراً عبر مختلف الصناعات.
وذكر الجسمي أن دولة الإمارات دائماً سباقة ومن أوائل الدول في المنطقة التي تبنّت تقنيات وأفكاراً جديدة، حيث تقود العديد من البنوك المحلية، الطريق في مجال تبني أحدث الابتكارات الرقمية على صعيد المنطقة، لتشهد تحولاً تدريجياً نحو التقنيات الرقمية.

لجنة متخصصة
وفيما يخص دور المعهد في مواكبة المتطلبات الوظيفية المستقبلية، أفاد الجسمي بأن معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية أطلق مؤخراً أول لجنة متخصصة لإعادة صياغة المهارات الأساسية المطلوبة في قطاع التكنولوجيا المالية، بمشاركة متخصصين في القطاع المالي والمصرفي، وذلك بهدف مواكبة المتطلبات الوظيفية المستقبلية في القطاع المالي والمصرفي.
وقال: «إن التطور المتسارع الذي يشهده القطاع المالي والمصرفي في دولة الإمارات، نظراً للتغيرات الهائلة في مجال التكنولوجيا المالية، يستوجب المساهمة بشكل استباقي في تطوير المهارات التكنولوجية المطلوبة بالقطاع المصرفي والمالي، لمواكبة متطلبات العصر، ورفد القطاع المالي والمصرفي بالكفاءات الوظيفية».
وتابع الجسمي: «إن الاقتصاد الرقمي الذي يعتمد على التطبيقات التكنولوجية المالية، هو اقتصاد المستقبل، لذا من الضروري أن نتناول تحديات التحول نحو اقتصاد المستقبل لوضع السبل والآليات السليمة، من خلال تأسيس لجنة متخصصة، بمشاركة أبرز قادة قطاع التكنولوجيا المالية ومتخصصين من أبرز المصارف والبنوك العاملة بالدولة، بهدف ملاءمة مخرجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل في القطاع المالي والمصرفي».
ولفت إلى أن المعهد، يقود حالياً مناقشات مع أبرز المختصين في القطاع المصرفي حول الفرص والتحديات أمام المؤسسات والأفراد، في ظل التوجهات المستقبلية لقطاع التكنولوجيا المالية، ودور تطبيقات التكنولوجيا المالية في إحداث تغيير إيجابي في القطاع المالي والمصرفي.

خطة تدريبية
وعن دور المعهد في تأهيل المواطنين للعمل في القطاع المالي والمصرفي، أفاد الجسمي بأن المعهد نفذ في العام الماضي 1043 برنامجاً تعليمياً وتدريبياً بزيادة 6% مقارنة بالعام الأسبق، حيث وصل عدد المشاركين إلى 26206 متدربين، من ضمنهم 6489 إماراتياً، بنسبة بلغت 25% من إجمالي المشاركين.
وأضاف أنه تم تنظيم نحو 616 برنامجاً في فئة الخطة السنوية، و201 برنامج تدريبي في برنامج في قطاع التأمين، بالإضافة إلى 116 برنامجاً بمجال التعليم الإلكتروني، كما نظم العهد 27 ورشة عمل متخصصة، بمشاركة 3268، منهم 1000 مواطن ومواطنة من دولة الإمارات.
وأوضح أن تصميم هذه البرامج جميعها جاء ليلبي متطلبات التدريب الخاصة بقطاع الخدمات المصرفية والمالية، وبهدف تطوير المؤهلات المهنية للعاملين في قطاع التأمين.
وأعلن الجسمي أن المعهد قرر تخصيص 27% من برامجه الجديدة لعام 2019 للتكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، لتلبية الاحتياجات التدريبية السنوية لمصارف الدولة، والتي بدأت جميعها في التحول التدريجي نحو الرقمنة، مشيراً إلى أن نسبة الإماراتيات في القطاع المصرفي وصلت إلى 72% من إجمالي العاملين من المواطنين.

التوطين في التأمين
قال جمال الجسمي، إن ملف التوطين في قطاع التأمين يعد مسألة حيوية ووطنية في المقام الأول، تستدعي توحيد الصفوف ومضاعفة الجهود بغية ترجمتها إلى واقع ملموس.
وأكد أن نسب التوطين الحالية في القطاع لا تزال دون الطموح المأمول رغم جهود وزارة الموارد البشرية والتوطين، ولجنة الموارد البشرية والتوطين والتعاون مع جميع الجهات، فضلاً عن جهود هيئة التأمين المستمرة لزيادة هذه النسبة وتأهيل الكوادر الفنية القادرة على التعامل مع المدخلات والمخرجات التأمينية على كل المستويات. وأوضح الجسمي، أن معهد الإمارات للدراسات المالية والمصرفية، من جانبه يعمل بجدية على توفير الكوادر الوطنية المؤهلة بغية تحقيق التوازن بين القطاعين العام والخاص في توفير الفرص الوظيفية المناسبة لمواطني الدولة.
وأكد أن هناك أسباباً رئيسة عدة وراء ضعف الإقبال على العمل في قطاع التأمين، مقارنة بالقطاعات الأخرى ،لاسيما القطاعات الحكومية التي تعد مغرية أكثر من حيث الرواتب والحوافز المقدمة، والإجازات.